قال محمد بنقدور، رئيس كونفدرالية جمعيات حماية المستهلك في المغرب، إن أهم مطلب تتشبث به الكونفدرالية، منذ مدة، هو إصدار قانون لحماية المستهلك.
محمد بنقدور
وأضاف أن المغرب شهد في السنوات الأخيرة ظهور العديد من الجمعيات المهتمة بهذا المجال، إلا أن عملها ظل "مشلولا" ومقتصرا فقط على التوعية والتحسيس، بسبب ما وصفه بعدم السماح لها من جانب القانون الترافع لتنصيب نفسها طرفا مدنيا في المشاكل التي تهم الاستهلاك والمستهلكين.
وأوضح بنقدور في حوار أجرته معه "الصحراء المغربية" أن المغرب يتوفر بالفعل على العديد من الجهات المعنية بالاستهلاك والمراقبة، مستطردا أنها "مشتتة".
كما أن التداخل الحاصل في الاختصاصات، يعقد مسألة حماية المستهلك، زيادة على أن هذه المصالح تشكو من قلة الإمكانات المادية والبشرية، سيما بعد عملية المغادرة الطوعية.
٭ كيف تنظرون إلى إشكالية حماية المستهلك في المغرب؟
ـ ما يجب معرفته هنا هو أن هذا الموضوع يهم 30 مليون مغربي، وبالتالي يتعين بداية التوفر على مجموعة من القوانين لحماية المستهلك وتحديد ما له وما عليه ومع الأسف لا يوجد قانون لحماية المستهلك على غرار الدول المتقدمة، وهذا ما أعتبره حيفا كبيرا تجاه المغاربة، في الوقت الذي نجد فيه قوانين أصدرت في وقت قصير تهم شريحة قليلة من الناس وأضيف أن المطلب الأساسي حاليا هو إصدار قانون لحماية المستهلك اسهاما في حماية دولة الحق والقانون.
وأذكر أن المغرب عرف حتى الآن، ومنذ السنوات الاخيرة ميلاد العديد من جمعيات حماية المستهلك، غير أن القانون يمنعها من الترافع لدى المحاكم لتنصيب نفسها طرفا مدنيا في المشاكل التي تهم الاستهلاك والمستهلكين، وبالتالي أصبحت هذه الجمعيات في حد ذاتها مشلولة ومقتصرة على التوعية والتحسيس.
وبخصوص هذه النقطة الأخيرة أقول إن التوعية والتحسيس في الدول المتقدمة لها أهميتها القصوى، لكن في المغرب 51 إلى 52 في المائة، يعانون الأمية كما هو معروف، وبالتالي مهما عملت الجمعيات عبر المنابر الإعلامية السمعية والبصرية لا يمكنها توعية هذه النسبة من المواطنين.
وهذا القانون أي قانون حماية المستهلك الذي نطالب بتفعيل وتيرة إصداره، يرسخ مجموعة من المبادئ من بينها الدفاع عن المستهلك بحكم القانون، لكنه بقي في صيغته كمشروع لدى الأمانة العامة منذ 1988، ونحن ننتظره لأنه سيعطي الحق لجمعيات المجتمع المدني، وخصوصا جمعيات حماية المستهلك لتنصب نفسها طرفا مدنيا، وبالتالي أن تدافع بشكل واقعي على المستهلك.
هناك نقطة ثانية، وهي أن بعض الناس يتكلمون عن مصالح المراقبة، فعلا تقريبا المغرب وضع 12 مصلحة مراقبة، ابتداء من مصلحة زجر الغش، المصلحة البيطرية، مصلحة وقاية النباتات، الجمارك، الأمن الوطني، الدرك الملكي وغيرها.
ولكن مع الأسف هناك تداخل الاختصاصات في ما بينها، كما أنها تشكو من قلة الإمكانيات المادية والبشرية بعد المغادرة الطوعية الأخيرة وكل مصلحة تتوفر على 5 موظفين وسيارتين، مما لايمكنها من تغطية جميع تراب المنطقة الواقعة فوق نفودها واتضح جليا أن تداخل الاختصاصات وقلة الموارد أدى إلى أن هذه المصالح لا تؤدي أدوارها كما ينبغي نتيجة هذا المعطى، وأيضا نتيجة قلة الوعي المهني لأن هناك رشاوى ومصالح شخصية، وكلها أسهمت في عدم قيام المصالح بالأدوار المنوطة بها، ناهيك على أنها ليست في مستوى الدفاع عن المستهلك.
٭ هل تقدمتم بوجهات نظر ومقترحات لتجاوز الوضع؟
ـ اقترحنا في عدة لقاءات، مادامت هذه المصالح دون جدوى وتعاني من قلة الإمكانيات، خلق مصلحة واحدة تتكلف بالمراقبة وتكون مستقلة خاصة أن كل مصلحة لوحدها تراقب دكان واحد كما اقترحنا خلق ما يسمى بوكالة مستقلة للمراقبة، يوضع لها قانون خاص بها إلى جانب الإمكانيات المادية والبشرية لتقوم بدورها كاملا.
ومع وتيرة الانفتاح على باقي الأسواق العالمية، أشير إلى أن هناك مجموعة من الشركات الدولية التي تجري تجاربها على المواد المعدلة جينيا، بالخصوص خارج أوطانها، وبالتالي إذا لم نتوفر على الإمكانيات الحمائية والوقائية المؤهلة لتفادي هذا الضرر، ربما سنصبح مجالا خصبا لإجراء مجموعة من التجارب على المواطن المغربي.
إذ قمنا بحماية المستهلك ونجحنا في تجنيبه ما لايتحمله صحيا، سنخفف من 60 في المائة من عبء وزارة الصحة، وهذا يندرج في صلب التنمية البشرية المراهن عليها من قبل المغرب.
٭ طفا الحديث أخيرا عن ضرورة تدعيم المواد الأكثر استهلاكا بمواد مدعمة بالحديد واليود، كيف تفسرون هذا التأخير؟
ـ نحن الآن بصدد العمل في إطار برنامج محددة يرتبط بالدعوة إلى استعمال مادة الملح المدعمة باليود، وأقول إننا هنا لانتكلم عن خصاص، بل عن العنصر البشري، فالنقص في مادة اليود عند الأطفال يفرز لنا شريحة مهمة من المجتمع خاصة في المناطق القروية
هذه الفئة تبلغ أزيد من 18 في المائة كلها مصابة بعاهات مستديمة، وهذا لايقاس بملايين أو ملايير الدراهم.
فالمواطن المغربي أكبر قيمة من هذه المبالغ، ولذك نشتغل بأهمية على التأكيد على هذا التدعيم سواء باليود أو باقي الفيتامينات من قبل الفيتامين "أ" وغيره لابد من الإشارة إلى أن هذا التدعيم إذا تجاوز الكمية المسموح بها وفق متطلبات الجسم، فإن النتيجة تكون عكس ما هو منتظرا، ونلاحظ حاليا في هذا الإطار أن أغلب علامات المواد الغذائية أصبحت تختار هذا التدعيم في إطار ما يمكن وصفه بالموضة التجارية الجديدة
كما أن عينات من الملح، يجب تدقيق واقعية تدعيمها باليود حتى لانسقط في التغليط
إن وحدات إنتاج المواد الغذائية تعتبر مدعوة أكثر من ذي قبل إلى إبراز معدلات التدعيم على المواد التي تصنعها.
كما أن المستهلك عليه أن يكون واعيا بهذه الاعتبارات وبالكميات التي يتطلبها جسمه حتى لايتجاوزها وعلى العكس هناك من يقول إنه يعيش "بالخبز والشاي" وأنه في صحة جيدة، وهذه ثقافة خاطئة نظرا للتحول الواضح في نمط الاستهلاك والصناعات الغذائية، مما يحتم الانتباه بحذر لهذه الأمور، من خلال استراتيجية جماعية لعدم تكرار حدوث النقص مستقبلا في تدعيم المواد الأكثر استهلاكا، ومن أجله ننبه المسؤولين بضرورة وضع القانون من جهة وصياغة وآليات المراقبة المرتبطة بهذه المواد من جهة أخرى، لأن هذه المسائل تعتبر حساسة جدا لارتباطها بالمواطن وصحته.
٭ ماذا عن القضايا المرفوعة أمام القضاء بخصوص التسممات الغذائية أو الغش وغيره؟
ـ علينا أن نتساءل بداية عن الجهة التي ترفع هذه القضايا إن الأمر يتعلق بمصالح زجر الغش التي تضبط مثلا الغش في تركيبة مادة غذائية ما والملفات متعددة في هذا الجانب
لكن الملاحظ أن البت فيها يطول ويتطلب عدة سنوات.
وبالنسبة إلى العقوبات الصادرة في حق المخالفين وقفت الكونفدرالية عقب الاطلاع عليها على أنها لاتتجاوز 50 أو 100 درهم، وهذا ما يحفز على الغش، بما أن المخالفين يستفيدون من سنتين مثلا أو أزيد من خلال تصنيع مواد لا تستجيب للمواصفات المطلوبة طيلة فترة ما قد تطول، مادام المقابل لا يتعدى كجزاء زجري 100 درهم أو أكثر بقليل، بينما يفوق الربح الملايير.
الدولة لم تحرك ساكنا في هذا الموضوع، ونحن كجمعيات حماية المستهلك لا يمكننا رفع دعوى ضد الشركات بعد صدور قانون حرية الأسعار والمنافسة، الذي يقول إن جمعيات حماية المستهلك لايمكنها أن تنصب نفسها طرفا مدنيا في هذه القضايا.
نحن نعقد كل الآمال على إصدار قانون حماية المستهلك، باعتباره يمنح هذه الإمكانية لجمعيات حماية المستهلك، كما يسمح لها أن تكون ممثلة في المجلس الأعلى للمنافسة.
٭ مستقبل المنتوج الوطني في حالة عدم تأهيله، سيتأثر حتما من انعكاسات خطيرة، ما هو تصوركم؟
ـ لايجادل أحد في أننا دخلنا سياق العولمة، وعلينا أن نؤهل المواطن لتكون عنده ثقة بالمواد الغذائية المغربية حتى لايدير لها ظهره، ويقبل على ما ستعرضه الشركات المتعددة الجنسيات ويمكن الاستشهاد هنا بالمنطقة الحدودية في مدينة وجدة.
هناك العديد من المواطنين يختارون شراء مواد مهربة على أساس سعرها المنخفض، ضاربين عرض الحائط التداعيات على مستوى تكريس البطالة وإفلاس المقاولات المغربية
المنطقة الشرقية توجد فيها أسواق للتهريب وليس سوقا واحدة.
هناك ستة أسواق بداية من سوق بني درار المخصص بأكمله للمواد المهربة ولهذا لابد من صياغة إطار توافقي يؤهل المواطن ليغار على المنتوج الوطني، والشيء نفسه بالنسبة إلى المقاولات المنتجة لكي توفر مواد بجودة عالية وأسعار مناسبة.
أؤكد مرة أخرى على ضرورة التعجيل بإصدار قانون لحماية المستهلك، لأن الأمر يرتبط هنا بأزيد من 30 مليون من المغاربة، كما أشدد بغية ترشيد الامكانيات المادية والبشرية على خلق وكالة مستقلة للمراقبة، تعطى لها الصلاحيات الكاملة للقيام بهذه المهمة
أكروش اقترحنا إنشاء وكالة مستقلة للمراقبة يوضع لها قانون خاص بها إلى جانب الإمكانيات المادية والبشرية لتقوم بدورها كاملا، بدلا من المصالح الموجودة حاليا وتعرف تداخلا في عملها.
أغلب علامات المواد الغذائية أصبحت تعتمد تدعيم موادها بالفيتامينات، في إطار ما يوصف بالموضة التجارية الجديدة، كما أن هناك عينات من الملح يجب تدقيق واقعية تدعيمها باليود حتى لانسقط في التغليط.