أهم الثغرات تتعلق بالصفة في التقاضي
ينبغي الإشارة في البداية إلى أن القانون رقم 31.08 أتى في نسخته الأولى سنة 1996 ،غير أنه كانت هناك معوقات فعلية حالت دون خروجه إلى النور ،إلى أن جاء الخطاب الملكي ليوم 20 غشت 2008 بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، حيث دعا جلالة الملك كلا من الجهاز التنفيذي والتشريعي إلى الإسراع باعتماد مدونة حماية للمستهلك .
والأكيد أن المغرب كان يتوفر على نصوص قانونية تعنى بالموضوع، حيث إذا حاولنا إحصاءها قد نجدها تربو عن 300 نص قانوني وتنظيمي تعالج مختلف نواحي الحياة المعيشية والصحية والبيئة للإنسان بالمغرب، ويبقي من أهمها ظهير 1982 المنظم لاختصاصات المحتسب الذي نظم العلاقة بين المستهلكين والمهنيين، وكذا ظهير 5 يونيو 2000 الصادر بتنفيذ القانون رقم 06.99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة كما وقع تعديله وتتميمه الذي سعى إلى الحد من آفة الاحتكار.
إن إعداد المشروع قانون رقم 31.08 السالف الذكر جاء بمبادرة من الحكومة وبصفة أدق من طرف وزارة الصناعة والتجارة والتكنولوجية الحديثة متضمنا في البداية 100 مادة الى أن وصل الى 206 مادة.
وابتدأت مناقشته بمداخلة الوزير المشرف على هذه الوزارة يوم الثلاثاء 13 يناير 2009 وتوالت الاجتماعات الخاصة بلجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، حيث وصلت 12 اجتماعا استغرقت 46 ساعة، وأنهت هذه اللجنة دراسة مواد المشروع يوم 10 مارس 2010 ووافقت عليه بتاريخ 12 يوليوز 2010، وتم عرضه على الجلسة العامة يوم 14 يوليوز 2010، حيث وافقت عليه بالإجماع .
وتم تقديم مشروع القانون إلى مجلس المستشارين يوم 29 شتنبر 2010 ووافق عليه بالإجماع يوم 10 نوفمبر 2010 بعد أن أدخلت عليه جملة من التعديلات تطلبت من مجلس النواب القيام بقراءة جديدة إلى ان وافق على المواد المعدلة يوم 5 يناير 2011 بأغلبية 57 صوتا ومعارضة 30 صوتا وبدون أي امتناع.
ومنذ ذلك التاريخ وهو في الأمانة العامة للحكومة ينتظر النشر علما أن الدستور حدد سقفا للمصادقة على القوانين في 30 يوما التالية لإحالته إلى الحكومة بعد تمام الموافقة عليه (الفصل 26 من الدستور).
إن أهم المستجدات التي أتى بها هذا القانون تتلخص في خمس محاور:
- المحور الأولى : إجبارية تبصير وإعلام المستهلك.
- المحور الثاني : مقاومة الشروط التعسفية في عقود الاستهلاك.
- المحور الثالث : حماية المستهلك من عيوب المواد والمنتجات والخدمات المسوقة وتحديد آليات لضمان الخدمة بعد البيع.
- المحور الرابـع : تنظيم سوق القروض الاستهلاكية.
- المحور الخامس : إشراك المجتمع المدني الى جانب السلطات العمومية في مجال التحسيس والدفاع عن حقوق المستهلك .
وعلى هذا الأساس فقد تم تقسيم هذا القانون إلى 10 أقسام موزعة على 206 مادة قانونية تعتبر كلها إطارا مكملا للمنظومة القانونية في مجال حماية المستهلك كما سنبين:
1) في مجال إجبارية تبصير المستهلك :
وقد ألزم المشرع بمقتضى المادة 3 كل مورد أن يمكن المستهلك من معرفة المميزات الأساسية للمنتوج أو السلعة أو الخدمة وكذا مصدر الإنتاج وتاريخ الصلاحية ومدة الضمان ودرجة ومدى المسؤولية التعاقدية.
ومن جانب آخر نصت المادة 12 من نفس القانون على أن كل عقد يكون موضوعه بيع منتجات أو سلع أو تقديم خدمات الى المستهلك إذا تجاوز الثمن أو التعريفة سقفا محددا من طرف نص تنظيمي تعين تحديد كتابة أجل للتنفيذ.
وفي الحالة التي لم يحترم المورد هذا الأجل بتجاوزه له سبعة أيام دون أن يعود التأخير لقوة قاهرة جاز للمستهلك التحلل من التزامه بمجرد توصل المورد بالإشعار الموجه إليه، غير أن المستهلك ملزم بممارسة هذا الحق داخل أجل أقصاه 5 أيام بعد انصرام أجل 7 أيام السالفة الذكر أي داخل 12 يوما من التاريخ المحدد للتنفيذ.
والجدير بالتنبيه ان الالتزام بالتبصير من الحقوق الجوهرية للمستهلك في ظل التشريعات الحديثة، ذلك أنه كلما كان هناك إعلام وتبصير قبل التعاقد إلا وكان المستهلك على بينة مما سيقبل عليه من التزام .
وقد درس فقهاه القانون المدني الالتزام بالتبصبر تحت عنوان المراحل التمهيدية للعقد1.
وفي هذا الاطار يجب التمييز بين الالتزام بالتبصير أو الاعلام وتقديم الاستشارة أو النصحية، ذلك أن الإلتزام الاول هو التزام قانوني مفروض على المهني بواسطته يشعر غير المهني بجوهر محل العقد ومكوناته ومداه يجد اساسه في انعدام التوازن في المعرفة بسبب التخصص التقني أو الكفاءة المهنية الموجودة لدى المهني أو المورد وهو التزام سابق على ابرام العقد على عكس النصيحة أو الاستشارة فهي متعلقة بتنفيذ عقد بعوض ،وهذا حال الاستشارة القانونية أو الفعلية.
وفي هذا الصدد قضت محكمة بوتيه بتاريخ 25 مارس 1977 بأنه نظرا لأن صاحب المرآب المهني ملزم بتقديم النصح للمستهلك الذي وضع بين يديه سيارته من أجل الإصلاح والصيانة سواء حول طبيعة الاشغال المطلوب إنجازها، أو ثمن التكلفة بل وعند الاقتضاء حول جدوى الإصلاح من عدمه2.
هذا وأنه طبقا للمادة 173 من القانون رقم 31.08 موضوع مناقشتنا فانه يعاقب بغرامة من 2000 الى 5000 درهم على مخالفة حق التبصير.
2) مقاومة الشروط التعسفية من عقود الاستهلاك:
عرفت المادة 15 من هذا القانون الشرط التعسفي بأنه كل شرط يكون الغرض منه أو يترتب عليه اختلال كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب المستهلك.
وفي اعتقادنا فإن هذا التعريف غامض وفضفاض يميل الى مؤسسة الغبن في القانون المدني أكثر من تنظيم الشروط التعسفية.
ويتضح ما ذهبنا إليه إذا ما قارنا المادة 15 أعلاه مع المادة 35 من القانون الفرنسي ل 10 يناير 1978 المتعلق بحماية واخبار مستهلكي المنتوجات والخدمات والتي عرفت الشروط التعسفية بأنها الشروط المفروضة من طرف المهني على المستهلك والتي تخول الأول نظرا لماله من قوة اقتصادية تجاه الطرف الثاني ميزة فاحشة avantage execessif .
هذا الاتجاه تبناه بعض الفقه حين عرف الشرط التعسفي بأنه الشرط الذي يفرض على غير المهني أو على المستهلك من قبل المهني نتيجة التعسف في استعمال الاخير لسلطته الاقتصادية بغرض الحصول على ميزة محجفة.3
وعليه يعتبر الشرط تعسفيا إذا تم فرضه من طرف مهني نتيجة التعسف في استعمال سلطته الإقتصادية بغرض الحصول على ميزة مجحفة.
لكن ما المقصود بالميزة المجحفة ؟هل ميزة نقدية ؟ أم أن الأمر يتجاوز الغبن بين الرشداء على ما يتعلق بالتخفيف من التزامات المورد والتشديد في التزامات المستهلك؟
وهذا الأمر يدخل في إطار السلطة التقديرية للقاضي ولامعقب لمحكمة النقض عليه
يستخلص من كل ماسبق أن الشروط التعسفية تقحم عادة في العقود التي يكون احد اطرافها قويا كما هو الشأن بعقود الاستهلاك.
ويمتاز هذا النوع من العقود بجملة من الخصائص أهمها:
ـ أن أحد الاطراف يكون مهنيا.
ـ أن يبرم العقد بالاذعان.
ـ أن يكون العقد نموذجيا.
وهذا ما جعل بعض الفقه يعرف عقد الاستهلاك بأنه كل عقد مكتوب يبرم بالاذعان بين مهني ومستهلك.4
والجدير الملاحظة أن القانون الفرنسي لسنة 1978 المتعلق بحماية المستهلك علق تحديد لائحة الشروط التعسفية على صدور مرسوم، أما القانون الصادر سنة 1993 فقد وضع لائحة لهذه الشروط واردة على سبيل المثال، في حين نجد المادة 18 من القانون 31.08 المغربي أوردت على سبيل المثال كذلك لشروط اعتبرتها تعسفية، وفتحت المجال للقضاء لإنشاء أخرى، وفي الحالة التي رفع نزاع أمام القضاء فإن عبء اثبات أن الشرط ليس تعسفيا يقع على عاتق المورد.
وقد رتب المشرع على الشرط التعسفي البطلان مع الإبقاء على باقي مقتضيات العقد الاخرى إذا امكن أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي (المادة 19).
3) حماية المستهلك من عيوب الشيء المبيع:
يستفيد المستهلك من ضمانات قانونية وضمانات اتفاقية، بالنسبة للضمان القانوني لعيوب الشيء المبيع أحالت المادة 65 من القانون 31.08 على الفصول 549 الى 575 من قانون الإلتزامات و العقود، وهي فصول تتعلق بضمان العيوب الخفية التي تنقص نقصا جليا من القيمة والانتفاع بالشيء المبيع، وكذا البيوع التي تنعقد على مقتضى انموذج وغيرها من العيوب غير اليسيرة.
وقد استثنى المشرع من التطبيق البند 2 من الفصل 571 من ق.ل.ع، المتعلقة بعدم ضمان عيوب الشيء، أو خلوه من الصفات المتطلبة فيه إذا اشترط البائع عدم مسؤوليته عن أي ضمان، حيث يبقى البائع ضامنا حتى مع وجود هذا الشرط.
وفي اعتقادنا فان شرط عدم الضمان يجب أن يدخل في أحكام الشروط التعسفية التي تعتبر باطلة بقوة القانون.
غير أن ما ينبغي التنويه إليه هو أنه في إطار الضمان القانوني لعيوب الشيء المبيع يجب أن ترفع كل دعوى ناشئة عن العيوب الموجبة للضمان او عن حلول المبيع من الضمانات الموعود بها:
ـ بالنسبة الى العقارات خلال سنتين بعد التسليم.
ـ بالنسبة الى المنقولات خلال سنة بعد التسليم.
وهذه الآجال آجال سقوط لايمكن الاتفاق على مخالفتها.
أما بالنسبة للضمان الاتفاقي او التعاقدي فقد نظمته المادة 66، وهو ضمان إضافي يمكن أن يقترحه المورد على المستهلك شريطة الاشارة صراحة إلى الضمان القانوني الذي يتحمله المورد عن العيوب والعيوب الخفية للشيء المبيع والذي يطبق في جميع الأحوال.
وللتذكير يجب الاشارة إلى أن من بين مستجدات القانون الذي نحن بصدد مناقشته تنظيم الخدمة بعد البيع، وعرفتها المادة 69 بأنها عقد تحدد فيه جميع الخدمات التي يلتزم بتقديمها مورد سلعة أو منتوج سواء كان ذلك بعوض أو بدون عوض ولاسيما تسليم السلعة أو المنتوج المبيع بالمنازل وصيانته وتركيبه وتجريبه وإصلاحه.
وقد ألزم المشرع بخصوص الضمان التعاقدي أو الخدمة بعد البيع الملتزمين من لدن المورد أن يكون محل محرر يتضمن حقوق المستهلك ولاسيما وصف السلعة أو الخدمة محل الضمان التعاقدي أو الخدمة بعد البيع ومدة صلاحية الضمان والمسطرة اللازم اتباعها للحصول على التنفيذ.
غير أن ما يلاحظ ان الفقرة الاخيرة من المادة 72 أشارت صراحة إلى أنه فيما يخص بعض السلع أو المنتوجات تحدد بنص تنظيمي نموذج المحررات المبرمة بين المورد والمستهلك والمتعلقة بالضمان التعاقدي أو الخدمة بعد البيع أو همامعا.
والتساؤل المطروح في هذا السياق هو: هل أن المشرع بهذه الطريقة لم يفرغ المادة 72 من محتواها حينما نص على مضمون المحرر الذي يجب ان يفرغ فيه الضمان التعاقدي او الخدمة بعد البيع المقترحين من لدن المورد تم علق نموذح محررات باقي السلع والخدمات على صدور نص تنظيمي.
4) تنظيم سوق القروضي الاستهلاكية:
عرفت المادة 74 القرض الاستهلاكي بأنه كل عملية قرض ممنوح بعوض أو بالمجان من مقرض الى مفترض يعتبر مستهلكا.
والمستهلك في المفهوم القانوني الضيق هو كل شخص يقتني أو يستعمل لتلبية حاجياته غير المهنية منتوجات أو سلعا أو خدمات معدة لاستعماله الشخصي أو العائل
أما بالنسبة للمفهوم القانوني الواسع فهو كل شخص يتعاقد بهدف الاستهلاك كالمهني الذي يتعاقد خارج تخصصه وكذا المدخر، ويستثنى من نطاق تطبيق هذا القانون مايلي :
ـ القروض الممنوحة لمدة اجمالية تقل عن 3 أشهر أو تعادلها.
ـ القروض المخصصة لتمويل نشاط مهني وكذا القروض الممنوحة الى الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام.
ـ القروض العقارية.
إن ما ينبغي الاشارة اليه انه اثناء مناقشة هذه المادة التى كانت موافقة للمادة 70 من المشروع قانون تساءل النواب عن أسباب استثناء القروض التى لا تتعدى مدتها 3 أشهر أو تعادلها من نطاق تطبيق هذا القانون، خاصة انه يمكن أن يكون مبلغ القرض مرتفعا ؟ إلا أن السيد الوزير في معرض جوابه على هذه الملاحظة أشار إلى أنه تم استثناء هذه القروض لانها ضئيلة مقارنة مع القروض الاخرى، هذا بالاضافة الى أن الوزارة أرادت أن تركز على حماية المستهلكين المستفيدين من باقي القروض.
وفي اعتقادنا فان هذا التبرير غير مقبول على اعتبار ان المقترض يكون غالبا في مركز ضعيف ومن تم قد يقع ضحية جشع المقرض، خاصة أن المقترض المعني بالحماية هو الشخص الذاتي.
غير انه في مجال الاستدانة فقد حرص المشرع على أن تكون عملية الاشهار المتعلقة بعمليات القروض الاستهلاكية نزيهة وإخبارية، وبذلك يكون الهدف هو الحد من الآثار السلبية لعملية اشهار القروض التي تصل المستهلكين عبر هواتفهم المحمولة من رسائل قصيرة.
كما اعتنى هذا القانون بعقد القرض بصفة عامة وحدد بعض الشكليات الواجب اتباعها، غير أنه لم يجب عن اسئلة النواب المتعلقة بالتمويلات البديلة المتمثلة في المرايحة والمشاركة والإيجار رغم أنها اقحمت في قانون المالية لسنة 2010 .
5) اشتراك المجتمع المدني إلى جانب السلطات العمومية
في مجال التحسيس والدفاع عن حقوق المستهلك:
خولت المادة 152 من القانون 31.08 جمعيات حماية المستهلك صلاحية مباشرة الإعلام والدفاع والنهوض بمصالح المستهلك، لكن ما المقصود بجمعية حماية المستهلك؟
حسب أحكام المادة 152 أعلاه ومايليها تعتبر جمعية المستهلك كل جمعية تأسست وتعمل وفقا للنصوص القانونية التشريعية منها والتنظيمية المتعلقة بحق تأسيس الجمعيات شريطة:
1) ان لا تضم من بين أعضائها أشخاصا معنويون يزاولون نشاطا يهدف الى الحصول على الربح.
2 ) ان لاتتلقى مساعدات واعانات من مقاولات تجارية تزود المستهلك بسلع أو خدمات.
3 ) أن لا تباشر عملية الاشهار التجاري.
4 ) ان لاتقوم بأنشطة موازية لا تتعلق بحماية مصالح المستهلك.
وحسب منطوق المادة 154 من نفس القانون يمكن لجمعيات حماية المستهلك أن يعترف لها بصفة المنفعة العامة متى تحققت بعض الشروط ولاسيما خضوعها لانظمة أساسية مطابقة لنظام أساسي نموذجي يحدد شكله بنص تنظيمي ويمكن لهذه الجمعيات ان تتكثل في إطار جامعة وطنية لحماية المستهلك.
لكن التساؤل المطروح هو: ماهي طريقة تمويل جمعيات حماية المستهلك ؟
في هذا الصدد نصت المادة 156 على أنه يتم إنشاء صندوق وطني لحماية المستهلك بغرض تمويل الأنشطة والمشاريع الهادفة الى حماية المستهلك وتطوير الثقافة الاستهلاكية ودعم جمعيات حماية المستهلك، وتتكون موارد هذا الصندوق من :
- مخصصات من الميزانية.
- نسبة من الغرامات المحصلة من النزاعات التي تم البت فيها بمقتضى هذا القانون.
- التبرعات أو الهبات التي يتم منحها للصندوق.
- أي موارد قانونية أخرى.
وتتشرف الوزارة المكلفة بالتجارة والصناعة للتكنولوجيا الحديثة على تدبير هــذا الصندوق.
وللتذكير فان هذه المقتضيات أثارت نقاشا بين أعضاء مجلس النواب، خاصة ما تعلق بما إذا كان من حق باقي الجمعيات غير تلك المهتمة بصفة أساسية بحماية المستهلك الاستفادة من الدعم ؟ ثم ما هو السبب في تحديد أشكال عمل الجمعيات وحصرها في إطار جامعة وطنية ؟ وعن سبب التدخل في نظامها الأساسي عبــر المصادقة عليه بمرسوم (المادة 155)، في حين أن ظهير الحريات العامة لايخول ذلك لأي جهة ؟ث لماذا يمنح تلقائيا صفة المنفعة العامة للجامعة الوطنية لحماية المستهلك والحال أن هناك مسطرة خاصة لمنح هذه الصفة؟
غير أن من أهم التغرات التي مست هذا القانون ما تعلق بالصفة في التقاضي، ذلك أنه طبقا للمادة 157 فإن من له الصفة لرفع الدعاوى القضائية أو التدخل الإرادي في الدعوى أو أن يباشر مسطرة الادعاء المباشر أمام قاضي التحقيقيق للدفاع عن مصالح المستهلك هي الجامعة الوطنية لحماية المستهلك والجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة أما ما عداها فلا يمكن له ممارسة هذا الحق إلا بعد حصوله على إذن خاص بالتقاضي طبق شروط يحددها نص تنظيمي.
ولاشك أن هذا النوع من الإقصاء يثير جملة من التساؤلات، خاصة أن مسطرة منح الجمعيات صفة المنفعة العامة ليست شفافة ولا تخضع لمعايير موضوعية.
وصفوة القول فإن القانون رقم 31.08 السالف الذكر أتى مفصلا أكثر من اللازم ودخل في متاهات التعاريف مما قد يجعل تطبيقه صعبا ومفتوحا على كثرة التأويلات تارة بدواعي الغموض وتارة بدواعي التفسير الخلاق، وهذا لا ينفي ايجابيات صدوره في هذا الظرف من الزمان على اعتبار أنه جاء استكمالا لورش الاصلاحات القانونية التي فتحها المغرب في العهد الجديد، وكذا لتعزيز منظومة حقوق الإنسان التي يجب أن يكون فيها ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطن من ضمن أولوياتها 5، الشيء الذي جعل جل مقتضاياته من النظام العام.
هذه جملة من التساؤلات تم طرحها بعجالة على أساس الرجوع إليها بتفصيل بعد نشر هذا القانون وكذا مراسيمه التطبيقية في الجريدة الرسمية ليصبح ساري المفعول، والأمل معقود على أن تتم هذه الإجراءات في أقرب وقت بغية الحفاظ على مصداقية العـمل التشريعي في المغرب 6.
هوامش:
1 Voir Boris Starck. Henri Roland.Laurent Bayer :Les obligations, le contrat (éd1995 Librairie de la cour de cassation Paris p116
أنظر كذلك نزيه محمد الصادق المهدي الالتزام قبل التعاقدي بالادلاء باليانات المتعلقة بالعقد وتطبيقائه على بعض انواع العقود طبعة 1983 دار النهضة العربية مص
2 Voir h t t p//www.ana.assurances.com.Quelles sont les obligationd des garagistes p2
راجع كذلك مقالنا : الالتزام قبل التعاقدي بالتبصير منشور بمجلة القانون النغربي عدد 12 السنة 2008 ص 9 ومايليها
3:راجع محمد السيد عمران حماية المستهلك اثناء تكوين العقد دراسة مقارنة وتطبيقية للنصوص الخاصة بحماية المستهلك منشأة المعارف الاسكندرية طبعة 1986 بند26
4 Heléne Bricks, Les changes abusives LGDJ Paris 1982p3
5 راجع عبداتي : حماية المستهلك جزء من النظام العام منشور بصحيفة الصحراء المغربية بتاريخ 13مارس 2009
6 مداخلة خلال الطاولة المستديرة المنعقدة يوم 25مارس 2011 بمقر كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ السويسي ـ في موضوع القانون رقم 31.08 يقضي بتحديد تدابير لحماية المستهلكيين