كشف المعتقل السياسي السابق، وعضو الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية ، بلاهي الصديق في حوار مع جريدة وادنون مارس 2008 عن جزء من بعض معاناته سنوات الاختطاف التي عاشها مطلع الثمانينات من القرن الماضي بقلعة مكونة بالمغرب، وذلك بعد تعرضه للاعتقال السياسي رفقة العديد من المناضلين الصحراويين، الذين تعرض غالبيتهم للتصفية والدفن في مقابر جماعية، عثر على بعضها لاحقا.
وفيمايلي النص الكامل للحوار:
بطاقة تقنية:
- بلاهي الصديق من مواليد قرية لكصابي بمدينة كليميم حاصل على شهادة البكالوريا الاداب العصرية المزدوجة سنة 1981، معتقل سابق بقلعة مكونة وعضو بلجنة التنسيق المنتدبة عن الضحايا الصحراويين وهي اول لجنة تتحدث من الصحراء الغربية حول مشاكل حقوق الانسان بالمنطقة، بالإضافة الى كونه حاليا مستشار الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة المرتكبة من طرف الدولة المغربية وواحد من مؤسسيها .
- سؤال : اذن وبعد هاته البطاقة الشخصية ماهي الظروف التي تم اعتقالك فيها ؟
- جواب : ان ظروف اعتقالي كانت عشوائية والسلطات المغربية آنذاك مارست سلسلة من الاختطافات منذ سنة 1976 حتى الان.
- سؤال : لقد قلت بان السلطات المغربية مارست سلسلة اختطافات اين تم اعتقالك وما هي الأسباب الحقيقية من وراء ذلك من وجهة نظرك ؟
- جواب : سؤال وجيه لقد تم اعتقالي من مدينة كليميم / قاطعته / كيف ...؟ / عندما علمت بان الشرطة تسأل عني توجهت إليها لأفاجئ بمذكرة توقيف في حقي تم إخباري عنها هناك تتضمن بحثا عني من طرف الشرطة بالداخلة لأظل بذلك تحت الحراسة النظرية لمدة ثلاثة أيام إلى جانب الرفيق حجي أمبارك الذي وجدته أمامي أي من 19 / 08/1981 الى غاية 22/08/1981 هذا التاريخ الذي فيه حضر عنصران من شرطة الداخلة اللذان اشرفا على عملية استنطاق بسيط لنا الى جانب شرطة كليميم فقد تمحورت آنذاك الأسئلة حول طبيعة العلاقة التي تربطني بالرفيق الصبار إبراهيم الذي كان متواجدا حينها في الاعتقال بمدينة الداخلة منذ يوم 15/08/1981، مضيفا لك انه قبل يوم ترحيلنا اي في يوم الجمعة 15/08/1981 تمت مصاحبتي الى منزل العائلة الذي تم تفتيشه تفتيشا دقيقا من طرف الشرطة / قاطعته / لماذا في نظرك ؟ / .. يبدوا انهم كانو يبحثون عن حجة لها علاقة بارتباطي بجبهة البوليساريو كالمناشير والأعلام او غيرها الا أنهم لم يعثروا على اي شيء .
- سؤال : اذن بعد الانتهاء من هذه العملية تم ارجاعك مرة ثانية الى مركز الشرطة ماهو الجديد في يوم التنقيل ؟
- جواب : يوم السبت تمت عملية الترحيل الى مدينة اكادير على حافلة ركاب الى المركز الرئيسي للشرطة هناك المعروف بسنترال حيث مكثنا مدة خمسة أيام في انتظار الرحلة الأسبوعية للطائرة في زنزانة منفردة وقد كانت الأمور جد طبيعية الى ان جائت ساعة المغادرة .
- سؤال: الطائرة حلت تم نقلكم عليها الى مدينة الداخلة مالذي وجدتموه في انتظاركم خصوصا وأنكم ستكونون في يد الجهة التي تطالب بكم ؟
- جواب: وصلنا في ذلك اليوم أي يومه الخميس 13:00 زوالا وقد وجدنا في انتظارنا بالمطار سيارة شرطة من نوع لندروفير تم إدخالنا فيها وإخضاعنا لعملية تعصيب العينين بواسطة قطع من الثوب ثم بعد ذلك تم التوجه بنا الى ثكنة التدخل السريع المتنقل رقم 14 / قاطعته / الى من تعود / تقصد الثكنة ... نعم هي اول بناية تركها الاستعمار الاسباني والمعروفة (بفيا سيس نيروس) التي بقينا بها معصبين العينين الى جانب العديد من المعتقلين الذين وجدناهم فيها من ضمنهم صغار ونساء وشيوخ وعجزة .
- سؤال : اذن كما قلت بان المكان وجدت فيه نساءا وصغارا وشيوخا وعجزة ممكن وصفا للاجواء التي كان عليها المعتقلين من خلال ماسمعت باذنك ؟
- جواب : المكان كان يملئه الصراخ والعويل نتيجة التعذيب المستمر الذي كان يتعرض له المعتقلين ومن هنا بدأت الرحلة الجديدة الحاسمة بالنسبة لي من خلال عملية الاستنطاق المبنية أساسا على أساليب التعذيب المعروفة / قاطعته / ممكن توضيح / لقد تعرضت للضرب المبرح بواسطة أسلاك كهربائية مفتولة بغرض الترهيب ثم بعدها يتم طرح أسئلة علي . قاطعته / مثل ماذا ؟ / على سبيل اذا لم تقول الحقيقة سنريك ماهو اسوء من الذي فعلناه لك . من هم التجار وغيرهم الذين يقومون بدعم البوليساريو. ومن الذي سهل وساهم في عملية هجوم البوليساريو على مدينة الطانطان. من هم الطلبة الذين يتعاطفون مع الجبهة. وماهي طبيعة علاقتك مع الصبار إبراهيم ومالذي تعرفه عنه وعن الكثير من الطلبة الصحراويين الذين كانو يدرسون معي وغيرها من الاسئلة .
- سؤال: إذن تعذيب وأسئلة كما أوضحت ماهي المدة التي بقي عليها هذا السيناريو؟
- جواب: استمرت حالة الاستنطاق والتعذيب لمدة شهر ونصف خضعت خلالها الى جانب المعتقلين لشتى أنواع التعذيب المعروفة مثلا (الدجاجة المشوية، الطيارة، الشيفون المبلل بالقادورات، ومواد التنظيف الكيماوية جافيل والكزلين ومسحوق الصابون، الصدمات بالكهرباء، والتهديد بالاغتصاب، الحرمان من النوم عن طريق البقاء منتصبا على الركبتين وهما عاريتان فوق الاسمنت مبرزا لك ان غالبية الأسئلة لم اكن امتلك اي جواب قاطعته / كيف / فمثلا سؤال من الذي سهل مأمورية هجوم الطنطان أكدت لهم على أنني لم أكن عضوا بالجبهة حتى اعرف هذا النوع من الخبايا مثلا كذلك من هم التجار الذين يساهمون ويدعمون الجبهة ماديا وقد أوضحت لهم أنني لا اعرف اي احد .
- سؤال: إذن رغم ماتعرضت له من التعذيب حسب ما قلته أكدت ان الغالبية من الاسئلة لم تكن تمتلك لها أي جواب هل اقتنعوا بذلك؟ ام ان التعذيب استمر وهل لك ان تخبرنا بأسماء من تعتبرهم قامو بتعذيبك ؟
- جواب: نعم لقد بقيت تحت رحمة التعذيب محاولين بكل الأساليب انتزاع اعتراف مني بأي طريقة إلى درجة ان ضابط الشرطة المشرف على تعذيبي والمسمى / الدويب حميد / الذي كان حينها يعمل تحت إشراف العميد / بشري محمد / قد قال لي أنت لا تريد ان تقول شيئا وانا اؤكد لك انني سأفعل مايطيب لي بالمحضر وسأبعثك الى حيث لا رجعة ولا مكان سوف ترى فيه الشمس قط / قاطعته / اذن نفذ كلامه اليس كذلك / بالفعل فبعد مضي ستة اشهر تم استقدامي من الزنزانة الي مكتب الضابطة القضائية التي كانت تشرف على التعذيب داخل الثكنة وحتى أكون دقيقا معك أكثر فقد كانت جميع الأجهزة تمارس هاته المهمة كما يحلو لها بدءا من الحارس ومرورا بما يعرف بجهاز الديستي والاستعلامات العامة وقسم الشؤون العامة ومسؤولي الضابطة القضائية إذن الجميع كان يقوم بهاته الأعمال وبعد ان دخلت الى المكتب وأنا معصب العينين قرأ علي من هددني بانه سيفعل في المحضر مايطيب له أي / حميد الدويب / ذلك المحضر المطول الذي بالمناسبة تفننوا في طبخه من خلال تلفيق اكثر من تهمة لي مختتما قراءته للمحضر قوله لي / أسمعت يا ولد القح.. / وقع هنا قاطعته / اذن وقعت / لا بل قامو بإمساك أصابع يدي ووضعها في الحبر ثم على اوراق المحضر التي عددتها وهي سبع صفحات وبعد الانتهاء من المؤامرة تم إرجاعي الى الزنزانة تحت وابل من السب والقذف والشتم الذي أصبح حينما روتينيا مألوفا لدى الضحايا الذين كانو معي في قفص الظلم قاطعته / لقد قلت الزنزانة هل كنت منفردا بها / لا بل كنت آنذاك مع 14 فردا آخرين إلا أنه كان محرما علينا الكلام او التواصل وكانت وجوهنا موجهة نحو الحائط تحت الحراسة المباشرة مثيرا لك شيئا هنا فهاته المجموعة تم اخلاء سبيل ستة منها بعد مرور حوالي سنة ولنظل نحن الثمانية نعايش مأتم فرضه علينا قاطعته / لماذا لم يخلى سبيلكم معهم / حسب ماعلمت فقد تم اخراجهم بكفالات مالية على شكل رشاوى ضخمة تم بموجبها تسريح هؤلاء الاشخاص مع العلم ان الجميع كان بريء بمن فيهم نحن الثمانية قاطعته / كنتم بريئين من كل مانسب اليكم / نعم لانه لا احد كان متورطا في التهم الموجهة اليه ولنظل تحت رحمة من لا رحمة لهم مدة سنة ونصف تحت التعذيب النفسي المستمر الى غاية 17 / فبراير / 1983 حسب ما اعتقد حيث ترحيلنا الى قلعة مكونة على متن طائرة 630 العسكرية التي حطت بنا الرحال باكادير ومنها نقلنا بواسطة سيارة من نوع (رونو اطرافيك) مقيدين ومعصبين ومكبلين مع بعضنا البعض من اليدين ليلا وبعد مضي تقريبا 6 ساعات من الوقت تم تسليمنا لفرقة من القوات المساعدة التي نقلتنا هي الأخرى بواسطة شاحنة من نوع (بيرلي) بعدما تم استبدال الأصفاد بالحبال ولنصل يومه الجمعة 18 / 02 / 1983 الى قلعة مكونة