يعتصم سكان الجماعة القروية لرأس أمليل الواقعة جنوب كلميم( بعد 70 كلم ) منذ 25 يناير 2007 أمام الطريقة الرئيسية الرابطة بين كلميم و طانطان، ناصبين خيامهم، منظمين وقفات احتجاج ساعة مساء كل يوم. يخوض أولئك المحتجون نساءا و رجالا نضالهم من أجل مطالب بسيطة بقدر ما هي عادلة ، إنها المطالب ذاتها التي أنهضت كادحي القرى خلال السنوات الفائتة: أيتزر – بوعرفة – إفني –طاطا... والمتمثلة في: الاستفادة من الإنعاش الوطني - تزويد المركز الصحي بالمستلزمات الطبية و العلاجية (سيارة إسعاف –طاقم صحي كاف وكفؤ)- إنجاز المشاريع التي لم تتعد طور الدراسة ( سد وادي أفراى... ) و الوفاء بوعود قديمة، كتزويد الدواوير التابعة للجماعة بماء الشرب و الكهرباء، و خلق نقط لري الماشية على جميع تراب المنطقة. كما يطالبون بإشراك مكونات المجتمع المدني في تسيير الشأن المحلي، وبمراقبة ديمقراطية لميزانية الجماعة التي تصرف بدون رقيب أو حسيب، و من أجل أسبقية أبناء المنطقة وبناتها في شغل مناصب الشغل القائمة بتراب الجماعة، و حق الأسبقية للعمل مع المقاولات التي تنجز مشاريع بالجماعة، و خلق مشاريع مدرة للدخل بالإضافة لتجهيز النادي النسوي واستعماله.
ما أن حط شباب رأس أمليل خيامهم حتى تدخلت الدولة كعادتها بأجهزتها (الدرك الملكي و القوات المساعدة) لتشتيت المعتصمين ليلة 26 يناير 2007 وصبيحة يوم 27، فاحتجزت الخيام و اللافتات و انهالت على المعتصمين بالشتائم والاهانات، فعادوا ونصبوا الخيام من جديد. إلى جانب إقدام خدام السلطة المحلية، كدأبهم عبر ربوع المغرب، على محاولات ترهيب السكان وبث التفرقة بينهم.
لم يأت احتجاج السكان على بغتة، فقد قدموا عبر جمعياتهم المحلية (جمعية النهضة القروية، وجمعية رأس أمليل للتنمية ) مطالبهم منذ سنوات عديدة للمسؤولين بإقليم كلميم. و كالعادة لا مجيب حتى تتحرك آلة الاحتجاج، فيسارعوا إما لإخماده أو للانصياع إن كان النهوض قويا. لكن ما آمنت به طليعة الاحتجاج عبر تجربتها أن الحقوق تنتزع و لا تعطى. فلكي يحققوا مبتغاهم عليهم التوحد والنضال بدل الانتظار.
هذه المرة تقدمت جمعية النهضة القروية المتبنية لمطالب المعتصمين مستندين على اعتصامهم بطلب حوار مع المسؤول الأول بالإقليم الذي رفض مقابلة ممثلي المحتجين. وقع السكان على مطالبهم بـ 122 توقيع (الساكنة يبلغ عددها 1342 فيهم الكثير من هاجر بحثا عن مناطق ملائمة لرعي الماشية لكنهم حسب ممثل الجمعية مع المطالب).
يحتجون : دليلهم واقعهم وأرقام فقرهم
تبلغ نسبة الأمية بالجماعة 56.42% (45.45% بين الذكور و69.25% بين الأناث) . لا تتعدى نسبة المستفيدين من الكهرباء 7.5% و من الماء 21.21% . ونشير إلى أن هناك من السكان من تربطه عقدة بمصلحة الماء منذ سنين ولم يستفد و مع ذلك يدرج في هذه الإحصائيات الرسمية. أما فيما يخص الصحة، فثمة مركز صحي وحيد لتغطية مساحة 1665 كلم مربع( طبيب و ممرض لـ1342 نسمة يرى السكان أن لا أهلية لكليهما )، بها 12 قرية أقربها الى لمركز الصحي يبعد 12 كلم. سيارة الإسعاف بالجماعة هي أصلا هبة من جمعية أبناء المنطقة بالخارج لم تستطع الجماعة تزويدها بمستلزماتها فسلمت للمجلس الجماعي بطانطان بناء على اتفاقية و أعيدت لجماعة رأس أمليل بعد اهتلاكها وهي الآن مرمية بالجماعة.
تبلغ مساحة الأراضي الفلاحية 28500 هكتار، لكن السكان لا ينتفعون سوى من 3500 هكتار لغياب عقلنة سليمة للاستغلال و وانعدام السدود الكفيلة بتوفير الماء للقرويين.
التعليم: توجد بالجماعة القروية و الدواوير الاثني عشر التابعة لها 8 وحدات مدرسية و 12 معلما. ونجد بالوحدات المدرسية الأقسام المشتركة ( هناك حالات تدريس كل مستويات الابتدائي بقسم واحد). وحدتان مدرسيتان متصلتان بشبكة الكهرباء في حين واحدة تستفيد من الإنارة. الوسائل التعليمية منعدمة رغم التأكيد على تقديم طلب الوسائل في مجالس التدبير حسب أستاذ بالجماعة. الماء منعدم بـ6 وحدات مدرسية. المتمدرسون هذه السنة حوالي 110 مستفيد، في حين بلغ السنة الماضية حوالي 150 تلميذ وتلميذة أي بانخفاض 20% . المرافق الصحية منعدمة. تحصر الدولة دعمها فقط في الإطعام. سيلتحق 55 تلميذ بالتعليم الثانوي الإعدادي الموسم الدراسي المقبل في حين سينقطع 18 تلميذة لغياب إعدادية ثانوية بالجماعة القروية يضطرون للسفر لكلميم و طانطان لاستكمال دراستهم لهذا تفضل الأسر المحافظة تعليم الذكور. المنقطعون في موسم 2005-2006 يبلغ عددهم 31 بسبب الجفاف و انعدام ثانوية إعدادية.
النظام الاقتصادي-الاجتماعي القائم هو السبب
إن ما يحدو بسكان رأس أمليل الى خوض نضال مديد من أجل انتزاع مطالبهم هو الفقر الذي يعيشون منذ عقود من الزمن. لم يعد السكان يثقون بكلام التلفزيون المعسول ولا بالشعارات التي ترفعها الدولة بين الفينة و الأخرى محاولةً احتواء التحركات المطلبية لفقراء المغرب. لهذا فهم عازمون على الصمود حتى تحقيق مطالبهم، وهم بحاجة بوجه خاص الى تضامن إخوتهم في المصير، مفقري المغرب ومضطَهديه الذي هبوا مرارا في مناطق عديدة ومتباعدة للتعبير عن رفضهم لسياسة الدولة.
كي لا يبق كفاح كادحي راس امليل صرخة في واد، يجب التعريف به ومد جسور تعاونه مع تجارب نضالية أخرى بالإقليم وخارجه، من اجل ان تلتقي نضالات كادحي القوى في حركة شاملة موحدة وجذرية تكسب القدرة على الإسهام مع باقي حركات النضال العمالي والشعبي في تغيير أصل المصائب:
نظام اقتصادي اجتماعي تسيره أقلية لفائدة أقلية، مستعملة ألتها القمعية لتأبيد الوجه الآخر لفقر الأكثرية :تكديس الثروات.
الجمعة يوليو 11, 2008 2:36 pm
