هو مصطلح يستخدمه مخرجوا الأفلام السينمائية في الشقيقة مصر وجدته ينطبق تماما على أحداث الداخلة الأخيرة التي انطلق تصوير فصول مسلسلها لثان مرة في أقل من سبعة أشهر.
الحلقة الأولى من هذا المسلسل الممل تزامنت مع مهرجان الصحراء و البحر الذي بدل أن يضع الداخلة وجهة سياحية كبرى على شاطئ الأطلسي حولها للأسف إلى واجهة للأحداث الدامية التي تناقلتها كل وكالات الأنباء العالمية،الحلقة الثانية إنطلقت أيضا بتزامن مع مبارة في كرة القدم و يبدوا أن الكرة و الرياضة عموما بدل أن تكون أداة لتقريب و توحيد الناس تحولت في الأخرى إلى فرصة لتبادل اللكمات و كل أنواع الفتن المؤدية إلى الموت و كأن قدر الداخلة المدنية الحالمة هو أن تعيش مهرجاناتها و أفراحها بحضور شبح الموت.
لا ندرك تفاصيل الأحداث جيدا سواء السابقة أو اللاحقة لأن في التفاصيل توجد شياطين كثيرة تلعب بالنار داخل إقليم له وضعه الخاص، لكن الذي ندركه هو أن الخطاب و التبريرات المقدمة من طرف الجهات الرسمية واحدة في كلا الحدثين هناك دائما جهة ما ركبت على الحدث أحيانا مندسين أو مهربين أو انفصاليين لكن مسؤولية الدولة نفسها تظل غائبة حتى و إن كان أمنها بكل رتبه يتفرج على المجزرة و كأنها لا تعنيه أو كأنها تدور رحاها في جزر القمر،شكوى الساكنة في الداخلة و الشكوى لغير الله مذلة هو غياب الأمن أو بالأحرى وقوفه موقف الحياد في صراع بين ما يسمى بساكنة حي الوكالة و الصحراويين.
لن تدخل في تفصيل للأحداث لأن الدولة عبر أجهزتها تدرك خبايا كل شيء،لكن ما نملك قوله هو مجرد أسئلة متعبة و مرهقة في طرحها و هو لمصلحة من قيام مثل هذه الأحداث ؟ من المستفيد و من الخاسر في تسويق هذه الصورة السيئة عن مدينة جميلة ساكنتها متسامحة و طيبة من يا ترى يريد خدش هذه الصورة ؟
الصحراء مجال يتحرك فوق ألغام ناسفة و ليس من مصلحة المغرب أن تتكرر هكذا أحداث لأنه بذلك يسوق نفسه و كأنه غير قادر على فرض هيبة الدولة في مجال ما فتئ يدعي أنه ملك مشروع له و خاضع لإرادته،فكيف يعجز عن السيطرة على أحداث كرة يقع مثلها كل مرة في أكبر ديربي في الدار البيضاء كبرى المدن المغربية و لا يصل الأمر حد الموت،إنه تساؤل مشروع نطرحه ليس من باب التشفي فنحن ضد القتل و العنف حتى و إن اختلفت الرؤى و تعددت وجهات النظر،الديمقراطية تقتضي الإختلاف فما بالك إذا تعلق الأمر بمصير إقليم لازال التفاوض عليه قائما بين أطراف النزاع.
بتزامن مع الأحداث كان السيد عمر عزيمان في العيون في اجتماع حول الجهوية الموسعة لكن يبدوا أن حظه لم يكن جيدا خصوصا و أن ما وقع في الداخلة أرخى بضلاله على هذا الإجتماع أو الندوة التي كادت أن تنسف خصوصا و أنها ندوة غير مفهومة و لا مبرمجة برمجة جيدة حيث حرص منظموها على دعوة نفس الوجوه و النخب التي عودتنا على حضور كل المبادرات المقدمة من طرف الدولة.مما يجعلنا نجزم على أن التغيير الذي ننشده كنخب جديدة هو مجرد أضغات أحلام و أن القيميين على ملف الصحراء لا يدركون جيدا حجم الإحتقان الذي تعيشه الساكنة التي ملت من الخطابات و الشعارات و الوجوه المؤتثة لنفس فضاء قصر المؤتمرات على مدى سنوات طويلة دون أي تغيير يذكر، فعن أي جهوية يتحدث السيد عزيمان،متقدمة ،موسعة ؟ ماهي آليات التطبيق و أين المشروع نفسه حتى يتسنى للصحراويين الإطلاع عليه و مناقشته فيما بينهم ؟ كم عدد جهات الصحراء و على ماذا تم اعتماد اللجنة في تقسيم هذه الجهات ؟ من المتضرر و من المستفيد من هذا التقسيم ؟ ما مصير هذه الجهوية أي كان نوعها و شكلها القانوني فيما إذا توصل الطرفين إلى حل متفاوض عليه نهائي آنذاك ما رأي هؤلاء السكان و لمن فوضوا الحق في التفاوض نيابة عنه في غياب الكوركاس أو أي جهة داخلية تملك المشروعية للتمثيل ؟ أسئلة كثيرة مقلقة لكنها تطرح إشكالا قانونيا في نزاع شقه القانوني لازال مقلقا و لازالت فيه الكثير من النقاط الغامضة أو المسكوت عنها.
أعضاء اللجنة ذهبوا من العيون بأسئلة كثيرة و بحدث في الصحراء خيم على الأجواء حدث غير مفهوم إلى الآن المسؤول الحقيقي عنه أو المتسبب فيه، أحداث الكرة هي القشة فقط لكن خلفها تختفي أشياء كثيرة و مقاربات خاطئة و مسؤولين على مختلف المستويات يعتبرون الصحراء مجرد منفى أو منجم و في كلتا الحالتين علهم الرجوع غانمين مادام سيف المحاسبة غائب و المجلس الأعلى للحسابات لا يتجاوز سوس درعة .
الفتنة أشد من القتل و الصحراء ليست بحاجة إلى المزيد من الإحتقان فلا تجعلوا منها مجرد مكان للنفايات بكل أنواعها فاجعلوا من الداخلة عروسا للجنوب كما هي طنجة تماما عروس الشمال،إلا ليس في كل مرة تسلم الجرة ...
د.عبد الرحيم بوعيدة
أستاذ بكلية الحقوق
مراكش